الذكاء العاطفي عند الأطفال: دليلك الشامل لتنمية شخصية طفلك

الذكاء العاطفي عند الأطفال

ما معنى الذكاء العاطفي عند الأطفال؟

عليكِ أن تعرفي ما هو الذكاء العاطفي عند الأطفال أو ما هو في العموم قبل التفكير في طرق تعزيزه عند طفلك، فمن المهمِّ أن تكوني مُحيطةً بكل المعلومات التي تؤهلكِ لتساعدي طفلكِ في تنمية جوانب شخصيّته، ومنها الجانب العاطفي الذي يتعلَّق بالمشاعر وإدراكها وإدارتها والتحكُّم بها؛ وهذا ما يُسمِّى بالذكاء العاطفي.

ويكمن تطويركِ للذكاء العاطفي لطفلكِ بجعله يفهم مشاعره ومشاعر الآخرين أيضًا، حيث يستطيع أن يرصد مشاعرهم وأفكارهم ويضع نفسه مكانهم، وقد تحدثت الكثير من الدراسات عن أهميّة فهم المشاعر والسيطرة على العواطف، والتي تعدُّ من العناصر المهمَّة جدًا للنجاح في الحياة.

لذلك عليك أن تتعرفي على أساليب تنمية الذكاء العاطفي عند الأطفال، وما هي المهارات التي لا بدَّ أن يتحلَّى بها الطفل ليكون من الأذكياء عاطفيًا؟ وهذا يجعلكِ مُلمَّةً بالتربية العاطفية للطفل، لتكوِّني شخصيةً ناجحةً قادرةً على ترجمة المشاعر مهما كانت -حزنًا أو فرحًا، قلقًا أو غضبًا- بشكلٍ واعٍ وجيدٍ وصريح، والتحكُّم بها مما يؤدي إلى التحكُّم بالسلوك والقرارات، ولتعرفي أكثر عن هذه المهارات تابعي المقال حتى نهايته، وسنزودكِ بالمعلومات اللازمة وبما يمكن أن يُساعدك من تطبيقاتٍ إلكترونيةٍ تحتوي ألعابًا مساعدةً لكِ في رحلتك التربوية لطفلك. 

أهمية تعزيز الذكاء العاطفي عند الطفل

قد يركِّز معظم الأمهات والمعلمين على تعزيز الذكاء العلمي للطفل، بإعطائه تمارين رياضية تعزز من مهاراته في الحساب الذهني، أو تحفيز الذاكرة عنده ليحفظ الشعر أو القرآن الكريم وغير ذلك، وهي من الأمور التي ليس هناك مجال للشكِّ في أهميتها، ولكنَّ الذكاء العاطفي عند الطفل جانبٌ مهمُّ أيضًا لأسباب عديدة وهي:

  • يساعده في تحسين العلاقات الاجتماعية، ففهمُ الطفل لمشاعره يجعله أكثر قدرةً على التعاون مع الآخرين، وتكوين الصداقات، والتعامل مع أي خلاف أو نزاع مع غيره من الأطفال بطريقةٍ سليمة.
  • يساعده على إدراك مشاعره فيعرف كيف يعبِّر عنها، ويتعامل مع المشكلات التي تواجهه بهدوء أكبر بعيدًا عن نوبات العناد والغضب.
  • يساعده في زيادة الثقة بالنفس بسبب قدرته على التحكم بأحاسيسه وفهمها بشكل صحيح.
  • الطفل الذكي عاطفيًا هادئ وغير متوتر في أغلب الأحيان؛ ممَّا يجعله أقلّ تعرُّضًا للإجهاد النفسي، فهو يستطيع التحكُّم بمشاعره السلبيَّة بأسلوب سليم.
  • يساعده في تحقيق نجاحٍ كبيرٍ في دراسته الأكاديمية، بسبب قدرته العالية على التركيز والتعامل بحكمة مع أيّ تحدٍّ يواجهه في أثناء الدراسة.

ما هي أسس ومهارات الذكاء العاطفي عند الأطفال؟

هناك أسس يستند إليها الذكاء العاطفي، وتعدُّ من المهارات التي لا بدَّ من تدريب الطفل عليها لنصنع منه طفلًا يتمتع بهذا الجانب من الذكاء، ونذكرها لكم بشيء من التفصيل فيما يأتي:

أولًا: الوعي الذاتي

مساعدة طفلك في تحديد مشاعره على اختلافها مثل الحزن أو الفرح، الخوف والغضب، ثم تسميتها بدقَّة قدر الإمكان، وفهم الطفل كيف تؤثر هذه المشاعر على أفكاره وأفعاله، ومساعدته لمراقبة ردود فعله العاطفية على المواقف المختلفة.

ثانيًا: الإدارة الذاتية

مساعدة الطفل ليعبِّر عن مشاعره السلبية كالإحباط أو الحزن أو الغضب، وتدريبه على تأجيل تلبية رغباته الآنية القصيرة ليحقّق أهدافًا أبعد وأكثر أهمية، وهو نوع من إدارة المشاعر والتي تتبع للذكاء العاطفي.

ثالثًا: التحفيز الذاتي أو الدافع

 

وهو قدرة الطفل على الاستمرار والمثابرة مهما واجه من الصعوبات، من أجل أن يحقق أهدافًا معينةً تقبل التحقيق، ولا بدَّ من أن يكون ذلك مرافقًا للثقة بالنفس، والمحافظة على النظرة الإيجابية حتى في أصعب المواقف الحياتية.

رابعًا: التعاطف

التعاطف يعدّ من أهم أسس الذكاء العاطفي عند الطفل؛ وذلك لأنَّه يمكِّنه من فهم مشاعر الآخرين، والانصاتِ إليهم، فيضع نفسه في موفقهم، ثم يستجيب لمشاعرهم بطريقةٍ مناسبةٍ، فيقدُّم لهم النصيحة والدعم، ممَّا يطور من التعامل مع الأطفال الآخرين بطريقة ممتازة، كما يعزّز التعاطف من روح المشاركة والتعاون معهم، ومن شعوره بالانتماء للمجتمع الذي يوجد فيه.

خامسًا: المهارات الاجتماعية

يعزّز الذكاء العاطفي عند الطفل من قدرته على التواصل مع الأطفال الآخرين وبناء العلاقات الإيجابية معهم، وتكوين الصداقات، وتعلُّم حل المشاكل في حال حصولها بطريقة سلميَّة، وكل ذلك بسبب تعلُّم الطفل كيف يعبّر عن مشاعره وكيف يسمع الآخرين.

ما هي أفضل الطرق لتعزيز الذكاء العاطفي عند الأطفال؟

إنَّ تعزيز وتنمية الذكاء العاطفي عند الأطفال ليست بالأمر المستحيل، بل يمكنكِ ذلك من خلال اتباع الإرشادات الآتية:

  1. علمي طفلكِ أسماء المشاعر، أو على شيء منها على الأقل كالحزن والفرح والاستياء والخجل والحماس والأمل وغيرها.
  2. اسألي طفلكِ عن شعوره بشكلٍ دائمٍ وعند كل موقف، وساعديه على إدراك هذا الشعور وتسميته بشكل دقيق، وعبِّري أنتِ عن مشاعره أيضًا عندما لا يعبِّر بنفسه فقولي له مثلًا “أشعر أنَّك حزين” أو “أحسُّ بأنّك غاضب”.
  3. كوني قدوةً لطفلكِ ومثالًا يُحتذى به، فالأطفال هم أشدُّ الكائنات ملاحظةً ودقَّة لتصرفات أهلهم بالدرجة الأولى، ومشاهدتهم لكم وأنتم تتعاملون مع مشاعركم بطريقة صحيحة وسليمة يجعلهم يتعلَّمون ذلك بدورهم.
  4. تعرفي على الأسباب التي أدت لشعور طفلك بهذا الشعور، وهل السبب هو شخص أو موقف أو فكرة.
  5. شجعي طفلكِ دائمًا على التعاطف مع الناس التي تستحق ذلك كالمحتاجين، وعلِّميه معنى التطوع والعمل بلا مقابل ممَّا سيهذِّب نفسه، وسيجعله يحسُّ بقيمة الأشياء.
  6. علمي طفلكِ كيف يعبَّر عن مشاعره بالكلام الصريح أو برسم صورٍ معبرِّة بدلًا من أن يعبِّر عنها بالصراخ أو التصرفات غير اللائقة.
  7. اسمحي لطفلكِ بأن يفرِّغ حزنه ربّما بالبكاء بهدوء، ثم اعرضي عليه المساعدة بأن تسأليه “والآن قل لي ماذا تشعر؟”، “ماذا يمكننا أن نفعل لنخفّف من شعورك بالحزن؟”، فذلك يجعل طفلكِ يُخرج مشاعره السلبية ويتعاون معك لحلّ المشكلة.
  8. علمي طفلكِ كيف يستطيع أن يفرِّق بين التعبيرات الانفعالية ونبرات الصوت وحركات الجسد، فيعبر أحيانًا عن حزنه بالحديث بنبرة صوتٍ مختلفة، ويعرف أنك ستفهمين مشاعره، وذلك يعلّمه أيضًا كيف يفهم مشاعر الآخرين من خلال نبرة صوتهم أو حركات جسدهم.
  9. احترمي مشاعر طفلكِ ولا سيَّما في التجمعات العائلية، ولا تجبريه على عملِ ما يتعلّق بالمشاعر كأنّ يحضن فردًا من العائلة وهو لا يريد ذلك، وناقشيه بعد عودتكم إلى المنزل عن سبب رفضه وعدم رغبته، وتفهمِّي مشاعره حتى يستمرّ في التعبير عنها، ولكي يحترم هو مشاعر الآخرين أيضاً.
  10. استعيني بالتطبيقات الإلكترونية المفيدة التي تقدِّم قصصًا أو ألعابًا تفيد الطفل في معرفة أنواع المشاعر المختلفة.

تعرفي صفات الطفل الذكي عاطفياً

بعد أن تقومي بتطبيق الإرشادات لمدّة جيدة مع طفلك قد تصل لسنوات راقبي سلوكه، فإن رأيتِ فيه ما سنذكره من صفات، فذلك دليل على تمتعه بالذكاء العاطفي وهي كالآتي:

  • أن يكون قادرًا على التعبير عن مشاعره بكل وضوحٍ وبشكل لفظي أو جسدي من دون أن تقومي بالإلحاح عليه.
  • أن يقدر على فهم مشاعر غيره من الأطفال، وفهم احتياجاتهم، ويقدِّم له المساعدة اللازمة ويتعاطف معهم.
  • أن يستطيع على تهدئة نفسه عندما تواجهه مواقف صعبة، وأن يغضب أو يحزن ولكن من دون أن يلجأ لنوبات الغضب والصراخ ليعبِّر عن مشاعره.
  • أن يكون قادرًا على الانتباه لغيره واستيعابهم من دون مقاطعتهم والتسرُّع في الردِّ عليهم.
  • أن يقدِّر حزنكِ بشكلٍ خاص، ويقدِّر تعبكَ في المنزل فلا يفتعل الفوضى أو يرمي الأوساخ في كلّ مكان بلا مبالاة.

أهم النصائح في التربية العاطفية للأطفال

عليكِ أن تكوني شديدة الانتباه في رحلة تنمية الذكاء العاطفي لدى طفلك وتربيته العاطفية، وتجنبي هذه الأفعال حتى لا تجعلي من ابنك شخصًا غبيًا عاطفيًا:

  • لا تتجاهلي طفلكِ واهتمي بحديثه، وإياكِ أن تنشغلي عنه بتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، وأن تتظاهري بالاستماع إليه، بل أبدي كل الاهتمام وتواصلي معه بصريًا وأصغي له بشكل تام.
  • لا تتهاوني بمشاعر طفلكِ، أو تنكري وجودها، فيعتاد على كبتها وعدم التعبير عنها، وعلى الصعيد الآخر لا تهوّلي أو تضخمي المواقف التي قد تحدث مع طفلكِ بالتعبير الهستيري عن مشاعركِ أمامه، فيعتاد هو أيضًا على التعبير بشكلٍ مبالغٍ فيه ويبتعد عن التفكير المنطقي والتوازن العاطفي.
  • لا تقدِّمي لطفلكِ النصائح المعلَّبة والجاهزة، بل افتحي مجال الحوار مع الطفل ليقوم بتحليل الأحداث، والربط بينها للحصول على نتيجةٍ، والتعبير عن مشاعره فيها بشكل سليم.
  • لا تستخدمي أسلوب التحقيق مع طفلكِ إذا ما شعرت بأنَّه يخفي أمرًا ما، بل اعملي على احتواءه حتى يتكلم ويعبر من نفسه.
  • لا تتخذي القرارات عن طفلكِ، بل اشرحي له سلبيات وإيجابيات الأمر، واتركي له حرية الاختيار وتحمُّل النتيجة، حتى يتعلَّم الثقة بالنفس والقدرة على اتخاذ القرار. 

أنشطة تنمية الذكاء العاطفي للطفل

هناك الكثير من الأنشطة والتمرينات التي تساعدكِ في رحلة تنمية الذكاء العاطفي عند الطفل، كاستخدام بطاقاتٍ أو صورٍ لمشاعر مختلفة، وتعليم الطفل على أسمائها، وتدريب الطفل على تمارين التنفس ليهدِّئ من غضبه، وتشجيع الطفل على تدوين مشاعره أو رسمها على شكل لوحاتٍ معبِّرةٍ، ومن الممكن أيضًا ممارسة تمرين الاستماع مع أفراد العائلة أو مع الأصدقاء من دون أن يقاطعهم، وأن يشاركهم أفكاره، ومن المهمّ تدريب الطفل باقتراح مواقف افتراضيةٍ عليه وسؤاله عن كيفية التعامل معها.

ويمكنكِ الاستعانة بتطبيق ألف بي أطفال الذي يحتوي على لعبة تسمّى “لعبة المشاعر”، تساعدك في شرح المشاعر للطفل، وتعليمه على أسمائها، ومن خلال هذه اللعبة يمكنك تغذية الذاكرة اللغوية لطفلك، فيعرف الشعور واسمه والموقف الذي يدفعه ليشعر به.

Feelings Game in AlifBee Kids

ختاما

إنَّ تنمية الطفل الشاملة بما فيها تنمية ذكائه العاطفي هي من أهم أسس صناعة شخصيته السليمة، التي تتقبل الآخرين وتحترمهم، وتصنع منه أيضًا شخصيةً مسؤولةً في المستقبل في الأسرة والمجتمع؛ لذلك لابدَّ الانتباه لهذا الجانب في سنٍّ مبكرة قدر الإمكان.

إذا وجدت هذه المقالة مفيدة، يرجى مشاركتها مع أصدقائك لنشر المعرفة!
Facebook
LinkedIn
Telegram
X
مقالات أخرى