كيف أساعد طفلي على التركيز؟
هناك الكثير من الأطفال الذين تلاحظ أمهاتهم أنَّ لديهم ضعفًا في التركيز، ويرافقه تشتُّتٌ في الانتباه وبطءٌ في الاستيعاب، ولا يعدُّ ذلك بالأمر المُقلِق إذا تمَّ الانتباه له في وقتٍ مبكّرٍ ومعالجته بطريقةٍ سليمةٍ، وهنا نتحدَّث عن هذا العادة كسلوكٍ وليس كمرضٍ عضويٍّ، والذي يحتاج استشارةً طبية، والعلاج بأدويةٍ كيميائيةٍ معينة.
وما سيشرحه لكم هذا المقال هو ضعف التركيز الذي تسببه بعض السلوكيات الخاطئة التي يمارسها الطفل في حياته، ولا يُلقي لها الآباء بالًا، وسيعرفكم على السلوكيات الصحيحة لعلاج هذا الخلل، وأهم الممارسات والألعاب التي تعزز التركيز والانتباه لدى الطفل، فهو لا شكّ من أهمّ الأمور التي تزيد من تحصيله العلمي والدراسي، وتزيد من مستوى الإبداع لديه.
أهم أسباب قلة التركيز عند الأطفال
هناك الكثير من الأسباب التي قد تؤدي لإصابة الطفل بضعف التركيز وفرط الحركة وتشتت الانتباه، ومن الضروري أن تتعرَّف إليها الأمُّ لتتجنَّب حدوثها مع طفلها، وذلك من أجل المحافظة على تركيزه بأقوى حالاته، ونذكرها لكم فيما يأتي:
- النوم غير الكافي يسهم في ضعف القدرات الذهنية عند الطفل، ويجعله كسولًا وغير قادرٍ على التركيز في الدراسة أو التعلُّم أو أيَّ نشاط آخر.
- الغذاء غير الصحي يسبب أيضًا ضعف التركيز عند الطفل، ولا سيَّما إذا اعتمد غذاءه بشكلٍ أساسيٍّ على السكريات المصنعة، فهي تؤثِّر سلبًا على الدماغ، وعلى الأمّ أن تختار لطفلها الأغذية الصحية كالفواكه والخضار وغيرها.
- الأجواء العائلية المضطربة من أهمّ مسبّبات التشتت وقلة التركيز عند الأطفال، بخاصَّة في البيوت التي تكون مشحونةً بالخلافات العائلية بين الأمِّ والأب؛ لذلك على الأهل أن يؤمِّنوا لأطفالهم جوًّا من الألفة والهدوء والمحبة في المنزل ليكون لديهم القدرة على التركيز في دراستهم وتحصيلهم العلمي، وليفتحوا لهم المجال للإبداع والتفوق.
- الاستخدام السيئ للشاشات الرقمية يعدُّ من أهمِّ وأكبر مسببات التشتت عند الأطفال، ولا سيَّما إذا كان ما يشاهده الطفل هو الأغاني الصاخبة والفيديوهات التي تحتوي أفلامًا عنيفةً أو غير ذلك من المحتوى غير التفاعلي، والذي يوحي للطفل بسلوكياتٍ غير سليمة، ويزداد أثر هذه الشاشات بزيادة المدَّة التي يستخدمها فيها الطفل.
- عدم قيام الطفل بأيِّ نشاطٍ بدنيٍّ يجعله خامل الذهن وثقيل الحركة، فالنشاط البدني يساعد في تنشيط الأوعية الدموية والدماغ.
علامات إصابة الطفل بقلة التركيز وتشتت الانتباه
هناك العديد من العلامات التي لا بدَّ من الانتباه لها عند الطفل، ففي حال وجودها فهي إشارةُ إلى وجود مشكلة ضعف التركيز والانتباه لديه، ونَذكر لكِ أهم هذه العلامات فيما يأتي:
1- عدم القدرة على التركيز في الدراسة أو أي نشاطٍ يوميٍّ لأوقاتٍ طويلةٍ، ولا نقصد بذلك لساعاتٍ طويلةٍ بل ربَّما لعشر دقائق متواصلة.
2- النسيان المتكرر لمهامه اليومية أو واجباته المدرسية، وينسى التعليمات التي توجَّه له في المدرسة أو المنزل.
3- الانتقال من نشاطٍ لآخر بسرعةٍ من دون أن ينهي أي نشاطٍ منها، وفقدانه للاهتمام بدروسه أو بالمهام الموكلة إليه.
4- العجلة والاندفاع الدائمَين، فيتصرف تصرفاتٍ بشكلٍ سريعٍ من دون أن يفكِّر في العواقب، وقد يولِّد ذلك بعض التصرفات العنيفة مع أقرانه.
5- من الطبيعي أيضًا أن يرافق ذلك ضعفٌ في التحصيل العلمي والدراسيِّ بسبب النسيان وقلة الاهتمام والتشتّت التي يعيشها الطفل.
طرق تعزيز التركيز والانتباه لدى الأطفال
من الطبيعي أنَّ علاج الفعل هو انتفاء وجود أسبابه، ومن هنا سنذكر لكم عددًا من الأفعال والسلوكيات التي يمكن ممارستها في سبيل الوصول إلى علاج تشتت الانتباه عند الأطفال:
توفير جوٍّ عائلي هادئ
لا بدَّ من الحرص على توفير جوٍّ هادئ للطفل في منزله؛ ليكون لديه مساحةُ للتركيز في الدراسة والأنشطة اليومية وتنمية المواهب.
تنظيم أوقات النوم
على الأهل الانتباه للوقت الذي ينام فيه الطفل، ليحصل على عدد ساعات نومٍ كافٍ يساعد دماغه على الراحة والتركيز والانتباه في نشاطاته اليومية، كما يجب الانتباه لجودة النوم وبأنَّ الطفل ينام فعلًا براحةٍ تامًّة من دون أيّ تقطُّع في النوم.
تأمين الغذاء الصحي
إنَّ نوع الغذاء يؤثِّر بشكلٍ كبيرٍ في تركيز الطفل، لذلك على الأم أن تحرص على تقديم الأغذية الصحية لأطفالها، وأن تكون بعيدةً قدر الإمكان على الوجبات السريعة والسكريات المصنَّعة والمعلَّبات، وأن تحتوي على اللحوم والفواكه والخضار المطبوخة في المنزل وبشكل صحيّ.
ممارسة الرياضة والأنشطة البدنية
يجب أن يكون للطفل برنامج أسبوعي يمارس من خلاله الرياضات البدنية التي يفضِّلها، فذلك يسهم في تنشيط عضلات جسمه وأوعيته الدموية ودماغه، مما يزيد قدرته على التركيز والانتباه.
وضع روتين للعمل ومتابعة المهام
إنَّ وضع جدولٍ يوميٍّ وروتيني لنشاطات الطفل يساعده في القدرة على إنجازها بتركيزٍ أعلى كل يوم، ويسهم في خلق عادةٍ صحيَّةٍ لدى الطفل.
اختيار الوقت المناسب لكل نشاط
على الأهل أن يقدِّروا الوقت المناسب لتكليف الطفل بنشاطٍ معينٍ يحتاج إلى تركيزٍ كبيرٍ، بحيث يكون الطفل بأوج نشاطه في هذا الوقت، كفترة الصباح بعد تناول وجبة فطورٍ صحية وممارسة تمارين رياضية متوازنة مثلًا.
وجود فترات للراحة
يحتاج الطفل إلى أن يأخذ فترات من الراحة بين الأنشطة، فذلك يعيد له نشاطه، ويجعله على قدرٍ عالٍ من التركيز في فترات النشاط.
العمل بنظام المكافآت
إنَّ وضع مكافأةٍ معنويةٍ كالمديح والثناء، أو المادية كالهدايا عند إتمامه لإنجاز مهمَّةٍ صعبةٍ وتحتاج لتركيز طويل، يعدُّ من أهم الطرق الناجحة لزيادة التركيز والانتباه لديه، فهو يحس بالتقدير وبثمرة الفعل الذي يقوم به.
الاستخدام الصحيح للشاشات الرقمية
على الأهل الحرص على مراقبة المحتوى الذي يشاهده أطفالهم على الشاشات من هواتف ذكية وغيرها، وأن يحدّدوا لهم الوقت والمحتوى بدقَّةٍ لضمان سلامتهم من الآثار السلبية لهذه الأجهزة.
استخدام الألعاب التي تعتمد على التركيز
وذلك يشمل الألعاب الواقعية التي تساعد الطفل على التركيز وهو مستمتعٌ باللعبة، وهذه الألعاب موجودةٌ وبكثرة، وهي متنوعةٌ بحسب الأعمار، كما أنُّه يمكن استغلال الأجهزة الذكية في الألعاب التي تساعد على التركيز وهناك الكثير من التطبيقات التفاعلية التي تخدم هذا الموضوع، فإنَّ للعب دور في التعلم وزيادة التركيز.
دور التعليم التفاعلي في زيادة التركيز عند الطفل
إنَّ الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية وحتى شاشات التلفاز هي من أخطر الأمور على انتباه الطفل وتركيز، إذا ما تمَّ استخدامها بشكلٍ خاطئ، كأن يشاهد الطفل الأغاني والفيديوهات التي تحتوي على أطفال يشاغبون ويخربون كل الوقت، أو أن يكتفي بمشاهدة الرسوم الكرتونية لمدةٍ طويلة، فذلك يجعله في دور المتلقي من دون أن يتفاعل بالكلام أو الأفعال.
لذلك لا بدَّ من استغلال هذه الأجهزة في التعليم التفاعلي الذي يحفِّز تركيز الطفل ويجعله يشارك ويتفاعل معها وليس متلقيًّا فقط، ومن التطبيقات التي تخدمكم في ذلك “ألف بي أطفال” الذي يقدِّم لكم ألعابًا تفاعلية تسهِّم في تعليم اللغة العربية بطريقةٍ جميلةٍ ومسليةٍ وممتعةٍ للطفل.
ختامًا
إنَّ قلَّة التركيز وفرط الحركة وقلة الانتباه كلَّها مشكلات لا تدخل في تحديد مستوى ذكاء الطفل أو غبائه، أو مدى تحمُّله للمسؤولية أو الجديَّة سواء في الدراسة أو غيرها من الأنشطة، بل لها علاقة بما يقوم الطفل من سلوكياتٍ غير سليمةٍ توصله إلى هذه المرحلة، فقد يكون ذكيًّا ويريد التركيز في أمر ما ولكنَّه لا يستطيع، ومن هنا على الأهل أن يكونوا حكيمين في تعاملهم مع الطفل، وأن يبحثوا في أسباب المشكلة لديه والسعي إلى حلها.